الأحد، 11 يونيو 2017

وَردَةٌ علَى ضَريحٍ - 1.. لـــــــــ القدير / محمد رشاد محمود..........صفوة الكُتَّاب العرب

رَأيتُهــــا مرأَى الخاطرِ ذاتَ يَــومٍ مــــن ربيــــع عامَ 2004 تحنـو على ضريـــحٍ في قِيـعَةٍ أجْدَبَ من الخريف ، وتنفضُ على سمعِ قاطِنِه نفثاتٍ ظلَّت تَتَسَحَّبُ وقد فضَّ القَفرُ ولُعابُ الشَّمسِ أوراقَها اللُّدنَ ، وانقَضَى - ولَم تَنقَضِ - عُمرُها العابِرُ القصير .
حنَّت على ضفَّــــة التِّـرحــال وانبَـعَــثَـــتْ
رَفَّــافَــــةَ الخَـطــرِ فـي جَبَّــــانَةِ التِّيـــــــهِ
وآنَـسَـتْ فــي ظِـــلالِ المَــوْتِ وَحْشَتَـــــهُ
أُنــْـــسَ الشِّهَــــابِ دُجونَ اللَّيــْــلِ تُذكيـــهِ
لولَا ابْتِـــدارُ الجَنَى مَـا رابَـهَـــــا رَهَــــبٌ
ذَودٌ عَن الــــوَردِ شَــوكٌ في تَصَبِّــــيـــــهِ
فتَّــــــانَـــةٌ لِلُـــــعَابِ الشَّـمْـــسِ تَمْحَـضُـهُ
حَسْوَ النَّـــــدَى خَطَــــرَاتٍ مِـنْ تَشَهِّـــــيهِ
كـــالخَمْـرِ في الكـأسِ إلَّا أنَّهَـــــأ قَبَـــــسٌ
مِنْ فَــوْرَةِ الـــوَجْــدِ نَـــدَّتْ مِنْ تَفَـرِّيـــــهِ
حَمراءُ كَالجَمـرِ وافَــى هَــامَهَـــا بِــوَحًـى
مُدهَّــــامُ خُضرَتِهَــــا لو أن خَلَـت تِيهـــي
مِـا ضَرَّ مَنْ قَــد حَواهُ القَبْـــرُ لَـو زفَـرَتْ
زَفــــرَ اللَّهــــــيفَةِ أنْفـــــــــاسًــا تُؤَسِّيــــهِ
رَجَّافَــــةٌ وغُبَـــــارُ الــرَّمسِ يَمحَضُهـــــا
بَثَّ الضَّجيـــعِ شجونًــــا مِــنْ تَشَكِّيـــــــهِ
تـــأوَّدَتْ فَــوْقَ جَــــافِيــــهِ وساوَرَهَـــــــا
مِـــنَ الرِّثَــــــاءِ نُزاءٌ لَيْــــسَ تُخْفِيـــــــــهِ
كَأنَّهــــــا الظِّئــرُ حَنَّـتْ لِلرَّضيعِ شَكَـــــــا
فَـوتَ الــرَّضاعِ فأحْنَــتْ مَـــا تُخَلِّيـــــــــهِ
وألقَمَتــــهُ رَطيــــبَ الثّــــــديِ يَمْصَـــــدُهُ
مَصدَ اللَّهيــــفِ يَدوفُ الرَّسْلَ في فِيــــــهِ
وناوَلَتْــــهُ شِفَــاهًــــــــا لَــــوْ تَرَشَّفَهَـــــــا
في النَّزعِ ذو الغُلَّــــــةِ اللَّهْـــفَانُ تُحْييـــــهِ
مــا إنْ دَرَتْ ونُفـَــاثُ المَوتِ يَحصِبُهـــــا
أنَّ البَهَـــــاءَ هَبَـــــاءٌ حِيــــنَ يُـذْرِيــــــــهِ
فاستَعبَرَتْ وقَضَتْ قَهْـــــرًا ورَقرَقَهَـــــــا
لِلتُّـــرْبِ مِثْـــلُ نثــــارِ الـدَّمعِ مُجريـــــــهِ
(محمد رشاد محمود)
..................................................................................................
تَصَبّت المرأةُ الرَّجُلَ : شاقَتْهُ ودعَتهُ إلى الصِّبا ، فحَنَّ إلَيها .
تَفَرَّى : انْشَقَّ . وتَفَرَّت العَينُ : انبَجَسَتْ .
تؤَسِّيهِ : تُعَزِّيهِ . تَأوَّدَتْ : انعَطَفَتْ .
المَصْدُ : المَصُّ والرَّضاعُ . يَدوفُ : يَخلِطُ ويَبلُّ . والدَّوْفُ : الخَلطُ والبَلُّ بماءٍ ونَحوِه .
الرِّسْلُ (بكَسر الرَّاء المُشَدَّدَة) : اللَّبَن - والمقصودُ : يرضَعُ اللبَن ويخلِطُه بِريقِه مُستَلِذًّا .