الاثنين، 30 نوفمبر 2015

خَرْقُ السَّفِينَة........... لـــــــــ سمير عَصَرْ المُحامى........صفوة الكُتَّاب العرب

كان الخَطَّافون القَتَلة قد جاوَزَ ظُلمُهم المَدى؛ أمْعَنوا فى فرض الأتاوَى الباهظة التى أثقلت كاهلَ الجميعِ دون أن يجسر أحدُهم على شَقِّ عصا الطاعة؛ أو أن ينبس بكلمة؛ من لايفى بحصتِهِ؛ سحلوه على قارعةِ الطريقِ أو قتلوه؛ اِستَباحُوا الدماء والحُرمات؛ اِسْتَرقوا الأبناء؛ اِغتَصَبوا النِسْوان؛ فجروا بالبناتِ سِفَاحاً؛ هتكوا أعراضهن؛ دون أن يحرك أحدٌ ساكنا؛ مذعنين؛ من اِستَطاعَ دفع الإِتاوةَ أغلق على نفسِه بابُه دون الآخرين .
الآذان يُرْفَع على اسْتِحْياء؛ الأجراس تُدَقُ على عَجَلَة؛ لزم الوُعَّاظ صمت القبور إلاّ طُغْمَةٌ منهم؛ لاءَمُوا القَتَلةَ رَغَباً وَرَهَبا؛ اِعتَصَموا بُهْتانًا وَزوراً إما بطاعة ولى الأمر أو وَدْعٍ لما لقيصرِ لقيصر .
كانت الليلةُ مواتيةً، رَكَنَ اللصوصُ القتلةُ إلى ثكناتِهم خلف الجبل؛ يحتفلون؛ يعربدون ويسكرون؛ يشاركهم مجونهم الغوانى والغجر بأهازيجهم؛ وقد حطّ صمتٌ وَهَمٌّ ثقيلٌ على القريةِ التى تقبع فى حضنِ الجبلِ على الجانبِ الآخر؛ وخلت الطرقاتُ من السَّابِلَةِ؛ فلا يجسر أحدٌ على التجولِ بعد آذانِ العشاء .
تسللوا لَوَاذاً؛ مستخفين ومستترين؛ حيثُ يجتمعون فى دارِ الأكتعِ فى حارةٍ يصعب الوصول إليها؛ الآباءُ المكلومون والأمهاتُ الثَكَالىَ والفِتْيَةٌ والفتيات الغَضّة الغاضبة والصبيان اليتامى من بلغ منهم الحُلُم؛ يتَخَافَتُون بَيْنهُم؛ أعدّوا عُدتهم فى تصميم؛ أدركوا أنهم وحدهم لاطاقة لهم بقتالِ الخَطَّافين إلاّ أن تكون القريةُ على قلبِ رجلٍ واحد؛ يواجهون الفَجَرةَ بكثرتهم؛ بصدورهم عارية؛ يضربونهم ضربةَ اليائس .
وجدوا السبيلَ؛ سبيلَ الخلاصِ الذى لامفر منه ولا بديل؛ حانت اللحظةُ الفاصلة سانحة فى خطةٍ مُحكمة؛ خرجوا تحت جُنْح اللَّيل متفرقين؛ ينتشرون فى القرية .
شقّ الصفيرُ المميز سكون الليل؛ وفى وقتٍ واحدٍ؛ قَذَفَت الأيدى بكراتِ اللهبِ المشتعلِ فوق أسطحِ الدورِ ومنازلِ القريةِ دون تمييز؛ وتحوّل ليل القرية إلى نهارٍ ملتهب