السبت، 28 نوفمبر 2015

أَوَّلُ الْغَيْثِ اِبتِسامة.......... لـــــــــ سمير عَصَرْ المُحامى..........صفوة الكُتَّاب العرب

يدبان على الأرضِ عَلَى غَيْرِ هُدىً؛ تعلو بهما تلالٌ وتهبط بهما وديان؛ يكويهما لهيبُ الشمسِ نهاراً؛ وتأخذهما رَجْفَةٌ مِنَ القَرِّ ليلاً؛ مازالت عصاه بيده؛ بَقِيَّةٌ مما كان؛ تَفِرّ لمرآها الخلائقُ؛ وتحول دون أن يقربهما عَدُوُّهما، يحُوم حولهما عَنْ بُعْدٍ، تعلو ضحكاته ساخرةً شامتة .
كان الشفقُ يلوح فى الأفقِ بلونِ الدّمِ وقدْ زالت الشمسُ أو كادت؛ جلس متهالكاً على صخرةٍ وقد أنهكه التعب؛ مذهولاً؛ يُقَلِّبُ بصرَه في السماءِ؛ مابرحت الوَقَائِعُ السَّالِفَةُ ماثلة؛ تتراءى فى مُخَيِّلتِهِ كسرابِ حلمٍ وَلَّى؛ حيثُ لاشمسٌ ولا زَمْهَرير .
جلست بالقرب منه ترنو إليه في سكون؛ بينما جلس عَدُوُّهما غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْهُما؛ يلهو بمِزمار، يَزمُر زميراً مطرباً غاوياً؛ دفع إلى ذاكرتهما اللحظات المشئومة .
تَعاَقَبت عليهما الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي وقد ذَهَلَا عَنْ أنْ يأكلا شيئاً؛ جاعا أخيراً؛ عضهم الجوع؛ بحثت بين طيات مئزرِها؛ أخرجت ثمرات؛ بَقِيَّةً مما كان؛ مدت يدها إليه؛ كان الجوع قد أنهكه؛ لاكَ بعضَها مُلتذاً، ثم مالبث أن ظَهَرَتْ على وَجْهِهِ أَمَارَاتُ الدَهْشَة؛ رجّع بصرَه بين ما فى يده وبين عينيها وفمها وهى تلتقم نصيبَها؛ لم ينسْ طعمها بعد؛ تلك الثمرة التى أردتهم فى المُتَيِّهةِ الغَطْشَاء؛ اِنْفَرَجَتْ شفتاه عن ابْتِسَامَةٍ شجيَّة؛ قابلتها بابْتِسَامَةٍ حَييّة؛ أمسكا عن الطعام؛ دَمَعَت أَعْيُنُهما؛ أجهشا بالبكاء؛ رفعا أكف الضراعة مبتهلين بانتِحاب .
سُرعان ما أَمْطَرَتهما السَّماء .