الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

الرَّقْصُ عَلَى اللُّعَاب......لـــــ القدير / سمير عَصَرْ المُحامى.......صفوة الكُتَّاب العرب

تَسَمَّرَ النَّظَّارَةُ فى أمَاكِنِهم ثَاوِين؛ يمُدّون أَعْيُنُهم إلي المائِدَةِ الحافِلَةِ أمَام الجَالسِ فى الصَّدَارَةِ عَلَى السُّدَّةِ العاليةِ؛ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ؛ يَسيل لُعَابُهم على شُدُوقِهم وصُدُورِهِم مؤمِّلين؛ وَالسَدَنَةُ اللَّعَّابُون يُطبِّلون وَبالأبواق يزمِّرون؛ ومن الفُتَاتِ يَطعَمون مُلْتذِّين؛ يَتَحَنْجَلُون عَلَى خَشَبَةِ الْمَسْرَحِ هَازِئين .
يُشْدِهُ أبصارَ النَّظَّارَةِ هَرَجٌ وَمَرَجٌ وَفِتْنَةٌ عَارِضَةٌ؛ تَنْقَشِعُ الجَائِحَةُ عن آخَرِ هَجِين؛ يجلِسُ عَلى السُّدَّةِ مُمْسِكاً بالصَّوْلَجَانِ فِي أُبَّهَةٍ وَعَظَمَةٍ ظاهرة؛ يلوِّح بِهِ وَبِلَهْجَةُ آمِرة؛ تُزادُ أمَامَه المَوَائِدُ الزاخِرة؛ يهتِفُ النَّظَّارَةُ مؤمِّنين؛ ظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ .
يَؤُوبُ الهَرَجُ والمَرَجُ كُلّ حِينٍ؛ يَتبَدَّلُ الشُخوصُ وتُزاد المَوَائِدُ المُتْخَمة بما لذّ وطَابَ؛ تترقَّب الجَمَاهيرُ على أَحَرَّ مِنَ الجَمْرِ فِي صبرٍ عُجَاب؛ أن تنفضّ الْمَسْرَحِيةُ لينقضّوا عَلَى المَوَائِدِ العامِرة المُغوِية؛ يملأون بُطُونَهمْ الخَاوِية؛ يأكُلُون ويَشْرَبون هَنيئاً بما أَسْلَفوا فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ؛ تِلْكَ إذاً قَواعِدُ اللُّعْبَةِ العَاتِيَة .
في لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ خَاطِفَةٍ تسلل فِتْيَةٌ عِجَافٌ؛ أضْناهم الطَّوى؛ من حُجُورِ آبائِهم وأمهاتِهم يَنْسِلُون؛ يعتلون خَشَبَةَ الْمَسْرَحِ عَنْوةً، يتدافعون؛ يحطِّمون الأَصْنَام القَائِمَة؛ يتفحَّصون الأَخْوِنةَ المَنْصُوبة؛ يكتشفون زَيْفَ الزَّادِ وَالأَطْعِمَةِ؛ ماهى إلاّ أخْيِلَة؛ مَنْحُوتاتٍ مُصوَّرة؛ يقذفون بها وجُوهَ النَّظَّارَةِ السَامِدةِ ذوى الأبصارِ الشَاخِصَةِ .