يُشْدِهُ أبصارَ النَّظَّارَةِ هَرَجٌ وَمَرَجٌ وَفِتْنَةٌ عَارِضَةٌ؛
تَنْقَشِعُ الجَائِحَةُ عن آخَرِ هَجِين؛ يجلِسُ عَلى السُّدَّةِ مُمْسِكاً
بالصَّوْلَجَانِ فِي أُبَّهَةٍ وَعَظَمَةٍ ظاهرة؛ يلوِّح بِهِ
وَبِلَهْجَةُ آمِرة؛ تُزادُ أمَامَه المَوَائِدُ الزاخِرة؛ يهتِفُ
النَّظَّارَةُ مؤمِّنين؛ ظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ .
يَؤُوبُ الهَرَجُ والمَرَجُ كُلّ حِينٍ؛ يَتبَدَّلُ الشُخوصُ وتُزاد
المَوَائِدُ المُتْخَمة بما لذّ وطَابَ؛ تترقَّب الجَمَاهيرُ على أَحَرَّ
مِنَ الجَمْرِ فِي صبرٍ عُجَاب؛ أن تنفضّ الْمَسْرَحِيةُ لينقضّوا عَلَى
المَوَائِدِ العامِرة المُغوِية؛ يملأون بُطُونَهمْ الخَاوِية؛ يأكُلُون
ويَشْرَبون هَنيئاً بما أَسْلَفوا فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ؛ تِلْكَ
إذاً قَواعِدُ اللُّعْبَةِ العَاتِيَة .
في لَحْظَةٍ مِنَ
الزَّمَانِ خَاطِفَةٍ تسلل فِتْيَةٌ عِجَافٌ؛ أضْناهم الطَّوى؛ من حُجُورِ
آبائِهم وأمهاتِهم يَنْسِلُون؛ يعتلون خَشَبَةَ الْمَسْرَحِ عَنْوةً،
يتدافعون؛ يحطِّمون الأَصْنَام القَائِمَة؛ يتفحَّصون الأَخْوِنةَ
المَنْصُوبة؛ يكتشفون زَيْفَ الزَّادِ وَالأَطْعِمَةِ؛ ماهى إلاّ أخْيِلَة؛
مَنْحُوتاتٍ مُصوَّرة؛ يقذفون بها وجُوهَ النَّظَّارَةِ السَامِدةِ ذوى
الأبصارِ الشَاخِصَةِ .