الخميس، 14 يوليو 2016

الحمامُ الزاجلُ يحتلُّ الأبراج ......... شعر: عبدالناصر الجوهرى..........صفوة الكُتَّاب العرب

تُوتًا كُنَّا نجْنى
بلحًا لم ينضجْ بعدُ،
وجُمَّيزًا،
عِنبًا
ندخل مخبأه
إذا جاورسيرى المشْتلْ
ونفرُّ إذا جاء الناطورُ
ونحن نمرِّرُ أرجلنا من حقل القُطْن..
إلى حقل البرْسيم الأعزلْ
من يصعدُ فينا
لشُجيْراتِ الصيد
قتأخذه الشمسُ بحوْمتها
تفلتُ منهُ عصافيرُ الدَّوْح،
وتهوى الافراخُ
إلى الجندلْ
بين ضفاف الترع المنثورةِ..
نلهو فوق العُشْبِ،
ونرمى أوجههنا بكرات الطمى
ويخترع الصهدُ شجارًا
- فوق الجسر - بأعواد الحطب الجاف..
نعانق آخرظلٍّ يتبعنا
ثُمَّ نهرولْ
أطفالاً كُنَّا
أغوتنا الصبيةُ فى عشق الترْعةِ..
بالعوْمِ بلا استئذانْ
أو رجم القمر النعسانْ
وتدلِّى الصفصافُ على صفحات غديرٍ
لا يعنى غزلاً حلَّ هنالك
بين فؤاد البِرْكةِ،
والأغصانْ
نصطاد صغارَ الأسماكِ،
ونرجعها ثانية للنهر؛
لان شواءَ الصيد اعتاد على سنَّارة جذْبى
فى الغدرانْ
لكنْ لأوزِّ الترعةِ سرْبٌ
حوطنا بدوائر مِنْ صنْع جناحيه
لبعث رسائله الحيرى للشطآنْ
أنْسانى التعبُ المغشىُّ عليه
تقاسيمَ لوجْهى
فى صفحات الماءْ
والساقيةُ المنفيَّةُ فى آخر حقل الحنطةِ
تعرف وجهتنا
من وقْع الضحكة،
والأنداءْ
كُنَّا حين يهل علينا
رمضانْ
نسهر طول الليل نزيِّن شارعنا
بفوانيس الخشب الشفَّافة
أو نتبادل أعلام الزينة بين الشرفات،
وبين الجدرانْ
نترقب تكبيرات الشيخ المبحوحة..
من أعلى مئذنةٍ
ونردِّدُ :
أذِّنْ يا شيخَ علىّْ
أذِّنْ يا شبخَ علىَّ
نفرح بالإفطار
كأن الأفطارَ نبىَّ
أو قمرًا عربيًّا
يجْمعنا
ويلمْلمنا
فى الحىّْ
أطفالاً كُنَّا
نطلق أرجلنا للريح
إذا مرَّت فى الربف خطانا
بساقيةٍ هجرتها الأيامُ،
وأمهلنا سرد حوايتى
حُسْنَ عروس النيل
وفتح المندلْ
نتجرَّع أمثالاً
وحكايا سردتها جدتنا
لم تيرحْ عتبات المنزلْ
والدارةُ لم ننسَ صبابتها
ترتجُّ بأفياءِ الماضى
يتفجَّر من كفَّيها
آخر حُلمٍ مثمرْ
لم يفعل فعلته فينا الجُبُّ ولا إخوةَ (يوسفَ)
بيتٌ فيه درجنا،
ونشأْنا
وغرسنا دفء مصاطبه
وعلى نافذةٍ للوصل..
مشيبُ العمر تكسَّرْ
كانت لمَّتنا
نتقاسم فيها
لو كسْرة خبزٍ
لا يشقى فيها بين الجُلَّاس جليسٌ
أو مُغْتربٌ
أو جارْ
كان فؤادُ البلدة:
ساقبةً
مِصْباحًا
ونهارْ
أمَّا الآن لصوصُ غسيل الأموال
وتجَّارُ الأعضاء البشرية
ومصاصُ دمائى
يملكُ جمعيَّات حقوق الإنسان،
ومُعمَّمْ
صار يُصادرُ منِّى القوسُ العربىُّ
وأوقفنى الآن (مُسيلمةُ الكذَّابُ)،
وجرَّدنى فى الساح نزالَ الأسْهُمْ
صرنا نعشق عولمةً
مُتوحِّشةً
لاترحمْ
وتدوس هوية إرْثى
وتخصْخصُ دار أبى (الأرقمْ)
صرنا (أسباطًا) نرعى (الذئب)
ونستقبل (أبرهة الأشرمْ)
ليست هذى جفْنات مدينتنا
احتلتها الأعمدةُ الخرسانيَّةُ،
والأبراجُ الأسمنتيَّةُ
قد أخفوا عنِّى قمرًا
ونُجيماتٍ كنتُ أداعبها
فوق الأسطح
حين أسافر وسط يماماتى
للمهجرْ
وافترشتْ أرصفةَ العبشِ..
خيامٌ لشعوبٍ لبنى جلدتنا
هجَّرها الموتُ،
القصفُ
لُقيْماتُ الجوع المُقْيرْ
ما جفَّ الدمعُ اللاجىءُ فى أعينهمْ؛
لو نَبَحَتْ
كلُّ كلابِ السككِ الضالةِ..
ما يكفى اليابسُ
والأخضرْ
هجرتْ من أرجاء البُسْتان..
عصافيرى
وحمامُ الغرباءِ الزاجلُ فى الأبراج..
فماذا فى أرْجله؟
غبر بربدٍ ملغوم الأسطرْ
مَنْ أهلكَ ليْلكَ دارى
المُزْهرْ؟
ليستْ هذى جفْنات مدينتنا
يقطنها الآن
مماليكُ (يهوذا)
وشراذمُ تجَّار (البربرْ)
فالبوَّاباتُ تصدُّ العتْقَ،
و(حِلْفُ فُضولى)
ما ردَّ إلى البسطاءِ مرابعمْ
أو ردَّ لهمْ
خيل (سقيتنا) المُدْبرْ