الأربعاء، 24 فبراير 2016

الـــوعــــد / الجزء الثاني.....لــــــ محمد ابو الفتح........صفوة الكُتَّاب العرب ·

تنهد هشام وبدأ يسرد قصته قائلا:بدأت قصتي منذ أكثر من أربعين عام كنت حينها في
السنه الثالثة في كلية التجارة وكنت من ابطال لعبة الكونغ .فو المعدودين والمعروفين
كنت من اسرة عادية ,الأب موظف في إحدي شركات القطاع العام والدخل يكفي بالكاد
نفقات الأسرة مما كان يضطرني للعمل طوال الإجازة الصيفية لتغطية نفقاتي وشراء
بعض الملابس الخاصة للظهور بمظهر لائق بين الزملاء .
وفي إحدي الليالي الشتويه حيث يقل المارة بشكل ملحوظ أثناء عودتي ليلا من التدريب
سمعت صوت إستغاثة من فتاة تستنجد في أحد الشوارع الجانبية فهممت أعرف مصدر
وسبب الصراخ فوجدت فتاة يحيط بها شابان ويشهران في وجهها سلاح أبيض بهدف
الاعتداء عليها وسرقة مالديها وقد بدأ أحدهما في تمزيق ملابسها والاخر يشل حركتها,
لم أتحمل المشهد فهتفت فيهما بترك االفتاة والإنصراف, فهاجمني أحدهما بسلاحه الأبيض
لسوء حظه وفي ثوانى كان ملقي على الأرض فاقد الوعي, فهم الآخر بمهجامتي فكان
نصيبه أوفر من الأول فقد سقط وهو محطم الضلوع والساق ويصرخ من شدة الألم ,
نظرت للفتاة فوجدتها ترتعد من شدة الهلع والرعب والبرد بعد تمزيق الجزء العلوي من
ملابسها مما كشف عن جسدها , خلعت جاكت كنت أرتديه وسترت جسدها وطلبت منها
الإنصراف من المكان قبل حضور الشرطة , فوجئت بالفتاة تتعلق بي وتبكي وتقول
أرجوك لا تدعني وحدي قد يكون هناك غيرهما, وعندما رأيت حالة الرعب التى هي
عليها وافقت أن اصحابها حتى مأمنها فقالت عنوانها وقالت استحلفك بالله توصلني لمنزلي
لم اتردد وصحبتها إلى الطريق العام وركبنا سيارة تاكسي وذهبت بنا حيث منزلها في
أحد الأحياء الراقيه وانا في الطريق أفكر لقد رأيتها من! قبل لكن أين ومتى؟ لا أدري.
وصلنا حيث منزلها لأجد والدها يقف في شرفة المنزل وعليه علامات من القلق والغضب
لتأخرها في الخارج في هذا الطقس, وعدها طلبت منى أن أصاحبها لأعلى لمقابلة والدها
ترددت في البداية ولكن أمام إصرارها وافقت وعند باب الشقة الخاصة بهم قابلنى والدها
رجل عليه علامات الثراء والوقار وينظر إلي بعلامات استفهام, كأنه يسألني : من أنت؟
وماذا تفعل مع إبنتي؟ وانتبه لحالة الفتاة التي ألقت بنفسها وهي ترتجف في احضانه
وراحت في إغماءة, حملها الرجل إلى الداخل وهو يصيح باسمها ملك , ملك ماذا حدث
وخرجت على الصوت سيدة من الداخل تهرول متسائلة: ابنتى ! ملك , ملك ماذا بك؟
وقفت أنا على الباب ولم أحرك ساكنا, وهممت بالإنصراف فإذا بالرجل يمسك بي وهو
يصيح: لن تغادر حتى تفيق ابنتى وافهم ماذا حدث, وماذا فعلت بها.
نظرت اليه بشفقة مقدراً حالته وقلت : تحت أمر حضرتك أين تريد مني الإنتظار؟
أدخلنى الرجل وقال: انتظر هنا ولا تتحرك,فجلست حيث أمرني دون حراك.
مرت الدقائق ثقيلة وسمعت صوت نحيب الفتاة فقلت: الحمد لله قد إستفاقت وسأتمكن من
المغادرة , جاء الأب الملهوف بعد دقائق والفتاة في صحبته بعد أن أبدلت ثيابها الممزقه
وفي عينيه نظرة أخرى غير الذي قابلني بها, ومديده يصافحنى قائلا:
لقد طوقت رقبتي بجميل لن استطيع أن أوفيه لك يا ولدي مدى الحياة , وعلى ملامح الفتاة
التى تبينت أنها جمالها الصارخ, فعلا إنها اسم على مسمى فهي فعلا تشبه الملائكة
شكرت الرجل وطلبت منه أن اغادر فعندي كليه في الصباح فسألني: في أي كلية أنت؟
قلت أنا سيدي في الفرقة الثالثة في كلية التجارة, تعجب قائلا : أنت زميل ملك في نفس
الفرقة والكلية ! إرتبكت وقلت أعتذر سيدى فأنا لم أكن أعرفها أنا أقول لنفسي : هكذا أكون
قد رأيتها من قبل صافحت الرجل وانصرفت ولكن كنت قد نسيت الجاكت عندهم,
وصلت إلى منزلنا وارتميت في سريري من شدة الإنهاك والتعب ورحت في نوم عميق.
وفي الصباح كالمعتاد ذهبت إلي الكلية واندمجت مع الزملاء ولم أحدث أي انسان ولا
حتى في منزلي بما حدث.
مرت أيام وانا بيني وبين نفسي أتمنى فقط أن أراها وأطمئن عليها ومرت عدة أسابيع
وحدثتني نفسي لقد بأنهم قد نسوا الأمر ويجب عليك أن تنسى أنت أيضا, واندمجت في
التدريب فقدكنا على أبواب بطولة الدولة وكنت أعلم أن هذا الأمر فقط الكفيل أن يحسن من
مستقبلي ويجعل لي فرصة في مستقبل أفضل.
وفي ليلة لن انساها وبعد أن انتهينا من تدريب قاسي جداً وانا خارج من باب النادي الذى
أتدرب به سمعت من ينادي: كابتن هشام, كابتن هشام.
إلتفت لأجد ملك وأبيها ووالدتها ينتظرون أمام النادي, فرحت وكانت من أسعد لحظات
حياتي, بادرني والدها نحن هنا من أول التدريب وقد رفضت ملك أن نعلمك حتى تنتبه
في تدريبك الشاق,رأي الرجل نظرة حيرة وتساؤل على وجهي فقال: أكيد تسأل كيف
عرفنا أين تتدرب ! لقد وجدنا لطاقة العضويه الخاصة بك في جيب الجاكت الذي نسيته
عندنا , والليلة ستتعشى معي أنا وزوجتي وملك ولا مجال للإعتذار. هززت رأسي موافقا
وانطلقت بنا السيارة إلى الحي الراقي حيث مسكن الأسرة.
نظر عادل إلى ساعته وأدرك أن الوقت قد حان للإنصراف فاستأذن من هشام مع وعد
في الغد ليكمل له باقي القصة ونظرعلى الحائط وهو خارج فرأي ثلاث اطارات قديمة
ولكنها في غاية الأناقة والنظافة لرجل وإمرأة وفتاة في غاية الحسن فنظر إلى هشام:
فقال له هشام : نعم هي ملك , إنها ملك............
نهاية الجزء الثاني