السبت، 20 فبراير 2016

كِناية لصحراء الزمان....... لـــــــــــ حميد الساعدي / العراق..........صفوة الكُتَّاب العرب ·

بالضِدِّ مني
كُنتُ أسألُ صاحبي
عَمّا كتبتُ
وكان قلبي
يقتَفي الألَق القديم
رَبيعُ مَنْ
هذا الذي تَرجوهُ فيَّ
وأيّ دَربٍ
سوفَ نَسلكُ
يا إساري
في لظى الصبوات
مَنْ كُنّا لنسأل ؟
أيّ بابٍ
كانتِ الريح الرؤوم
تدورُ فيه
وأيّ نَبعٍ
نَغتَرف مِن ماءِه
صحراءُ كان الوقت
كانَ العمر
كان القلب
كانَ اللا مكان يَحِدُنا
واللا زمان
وكُلنا هذيان
نَسألُ
عن دثارٍ كانَ يحملنا
الى التجريد
واللمعانُ بَرقٌ
إذْ يطوفُ على حوافرها
يَدقُ الوقت
ننهضُ :
تنهضُ الأشجار
تبكي
تقتفي أيامنا
بدموعها
وتدقُ بابَ الوقت
والوقتُ المُطيع لِمِثلهِ
صحراءُ كان
وكانتِ الصحراءُ تبكي
في مشارقها
مغاربها
وتُعلنُ أنها قد لا تكون
سوى المكان
ولا تكون سوى الزمان
تعبتُ
من ترتيب هذي الصرخَةِ الحمقى
وآنَ لبهجتي ألا تكون
لكنني
بالضِدِ مني
سوفَ أسألُ صاحبي
عَمّا يكون ولا يكون
وأقتفي قلبي الى منفاه
حيثُ الوقت
ناقوسٌ
وبَدءٌ ناحلٌ
في قفر هذا العالم السِرّي
سَوّرتُ الضبابَ ببهجتي
وذروتُ في الأرض الرياح الهائجة
لكنني آمَنتُ
أنَّ كنايتي
كهَفٌ قديم
وأنني سأزورُ قلبي
في منافيه الكثيرة
أرتدي خوفي
وأقلبُ ما أشاءُ من الحوادث
قدْ تُعَلقني السماء
وقد أُعَلقها
ولكن قد نغوصُ معاً
ونندبُ ما نشاءُ من العواصف...
الأرضُ واقِفَةٌ هنا
وأنا هُناك
اُسَوِّرُ الكلمات بالنور العظيم
كانَ دمي مِدادُ البحر
وصرتُ نوتياً
يُصَعِّدُ قامة الكلمات
للشَفَق الأليم ...
المَدُّ غطى الأرض
البحرُ كانَ دَمٌ
وكانت سوسَنه
قيثارتي العمياء
تصدحُ في ممالكها العجيبة
والسهولُ موَّشَمة
بالأخضر البَرّي
كُلُ دمٍ مِدادُ البحر
والبحرُ اصطخاب الأوسمة ...
غَطيتُ قلبي بالرماد
وبعتُ مَنْ أهواهُ
كي لا أجتَبيه
وقايَضَت دمعي سماوات الجحيم
بما تشاءُ مِن الحجارة ؛
ليتني ألقٌ يمزقني صداه
وليتني بَرقٌ
أُهَددُ ما أشاءُ من الغيوم
وأنتقي ما قَد أشاءُ من الِدِمَنْ
هذا زَمَن :
ألقاهُ في كل الشوارع راسخٌ
وعلى الرصيف
يبعثرُ الصرخات
يستَجدي الحِكَمْ
قد تبتُ منكَ
ومن صراخكَ
يا فتىً
أسرَجتُ فيهِ كنايتي
وتوسَدَت عيناي عينيهِ
وأغمضتُ الجفونَ على يديهِ
مَنْ أنتَ ؟
كي تُسدي إليَّ نصيحَةً
يا كاهَن الأوراق
والحُفَر الخبيئةِ
أوراقُكَ الصفراء
لم تثبت هويتها
في شارعٍ ضاعَت ملامحهُ
وأسْرَتهُ الخيول الجامحة
الوقتُ ليس الآن
دَع عَنكَ المواضعَ والحِكَمْ
فليسَ وقتَكَ أن تُسَليني
ووقتي
أن أصيخ السمع
للهَفوات
للماضي
لأخطاءِ الكبار
وجثَة المكلوم
تأبى الدَفن
في هذا العراء .
صَيّرتُكَ الآن النَصيحةَ والذبيحةَ
كُن معي
حتى أطاول فيكَ أوجاعي
وأزرعُ فيَّ صوتاً آخراً
غير الذي قد كان
أو ما قد سَمعتَ
وكُن معي
حتى أُكوّنَ جُملةً
من غَيهَبٍ
مِن نارِ أضلاعي
ومِنْ نار اللُغة .