السبت، 31 أكتوبر 2015

معذرة يا أماه.... لـــــ د / شاكر محمد .......صفوة الكُتَّاب العرب

أرملة في الأربعين من العمر --فقدت بيتها وزوجها وأبنتين وطفل لا يتجاوز عمره العام في غارة من الغارات التي تشنها طيور الغدر كلما تذكرت أن هناك بشر يعيشون بالقرب من أعشاشها---لا لشيء الا لتوهم أنها صقور السماء ونجومها وقلعتها-
أرملة رسمت دموعها على خديها مجاري عميقة--غير انها تبتسم-تحلم أن يكبر ابنها ليشق طريقه-لتذهب للحج معه-
هو في في العاشرة من العمر---أسود الشعر-قمحي البشرة-تشرق بسمة في عينيه-جسمه ناحل -تغطيه على أستحياء-ملابس هزيلة-
كانت الأرملة مع وحيدها تسكن في عريش حوله قطع من الزينقو-حديد خفيف-بنوه لها الجيران فوق ركام البيت---
كانت تنتظر فارسها -فهذا موعده ليعود من مدرسته ليتناول معها طعام الغذاء-قطع من البطاطا المقلية-وحبة بندورة-وخبز بلون أحلامها الباهتة-
هذا موعده-ثم يذهب للعمل في ورشة غسيل السيارات الفارهة-
تسمع صوت هزة أرضية ناتجة عن تفريغ حمولة طائرة أثقلها حملها فألقت به هنا أو هناك غير مكترثة-
تهتز الأرض وتموج تحت قدميها--وشيء فيها عميق يهتز----ربما كان قلبها-
_ عادي أن نسمع هذه الأصوات-
_ صوت أناس---أطفال ونساء تصرخ-
_ لا أله الا الله -والشهيد حبيب الله-
_ تقترب الأصوات--ويصل أبنها محمولا على الأعناق-
نظرت اليه-ذهبت البسمة من عينيه-وحلت ضحكة تكتمها شفاه الطفل-كأنها تسمع صوته-:
ألى والدي وأخوتي عدت-معذرة يا أماه