الأحد، 14 فبراير 2016

خواطر فى الستينات........... لـــــــــــ سليمان شلتوت ............صفوة الكُتَّاب العرب

حينما نخلو بأنفسنا ونسترجع ذكرياتنا نقول سلام أيها الشباب الذاهب لقد كنت لنا ميدانا فسيحا للأمال والأحلام ، وكنا نطير فى أجوائك البديعة الطلقة غادين رائحين ، طيران الحمائم البيضاء ، فى أفاق السماء ، لا نشكو ولا نتألم ، وكنا نعتقد أن فى العالم هموما وألاما ، وكان كل شيئ فى نظرنا جميلا ، وأما اليوم وبعد أن هدأت أنفسنا من ثورتها وجماحها ، أصبحنا سمحاء كرماء ، لا نبغض أحدا ، ولا نحقد على أحدا ، ولا نقابل ذنبا بعقوبة ، ولا اساءة بمثلها ، وكأننا نقول فى أنفسنا : ما لنا وللعالم ولما يحوية من خير وشر ، ونحن مفارقوة مفارقة وشيكة ، ان لم يكن اليوم فغدا ، وما زلنا نتحدث عن الماضى أكثر من الحاضر ، لا لأن الأول أجمل من الثانى ، بل لأن الشبيبة أجمل من الشيبة والشيخوخة ، فلقد بدأنا فى الأنحدار من قمة هرم الحياة الى جانبها الأخر ، فقد احتجب عنا كل شيئ ولم يبق بين أيدينا مما نفكر فية الا أن نعد العدة لتلك الساعة الرهيبة التى ننحدر منها الى قبورنا ، فى ماضينا وشبابنا الراحل كنا كل ما نفكر فية أن نشيد لنا بيتا جميلا ، نعيش فية عيش السعداء الأمنين المطمئنين ، فى مدينة الأحياء ، أما الأن فأصبحنا وكل ما نفكر فية أن نبنى لنا قبرا بسيطا يضم رفاتنا ، فى مدينة الأموات ، قال رسول الله صلى الله علية وسلم فى الحديث الشريف " أعمار أمتى مابين الستين والسبعين " وها نحن قد وصلنا الى قمة الهرم ... فوداعا ياعهد الشباب ، فقد ودعنا بوداعك الحياة ، وما الحياة الا تلك الخفقات التى يخفقها القلب فى مطلع العمر .