السبت، 25 يونيو 2016

هذهِ الأطياف.......... لـــــــــ القدير / محمد رشاد محمود..........صفوة الكُتَّاب العرب

ذاتَ يومٍ في أخَرَةٍ من شهر نوفمبر عام 1985اختطَفَت مجموعةٌ من الإرهابيِّينَ طائِرَةً مصريَّةً وحَوَّلوا اتجاهها من اليونان إلى مالطا بدلًا من مِصر ، وشاءوا أن يُزَوِّدوا الطائرَةَ بالوقود من موظفي المطار ؛ لمواصلَة رحلَتهم إلى أحَد البلاد العربيَّة ، فانتدبوا للمُطالَبَة بهِ إحدى مضيفاتها مُهَدِّديها بنسف الطائرة ورُكَّابِها إنْ لم تَرجِع بالرَّدِّ ، و كانَ من نخوَتِها أن عادَت ، وكانَتْ تَسَعُها النجاةُ ، فاستُشْهِدَتْ معَ مَن استُشْهِدَ عِندَ محاوَلَة قِوَّةٍ مِصريَّةٍ استخلاصَ رُكَّابِها وإطلاق المُختَطفينَ النار عشوائِيًّا وإلقاء قنابلِهم عليهم ، وقد أبدَت من الجَلَد ورفاقَها من طاقم الطائِرَة ما ابتَعَثَ على مِقوَلي قصيدَةً ، كانَت منها هذه الأبيات :
أَودِعوهــــــــا طَيَّ حبَّــــاتِ القلــوبْ
هـــــــذهِ الأطيـَــــــافَ دفقَــاتٍ تَذوبْ
واخشَعوا فالشَّــأوُ في هَــــــذا المَــدَى
بيـنَ جَدْبِ المَحْلِ والمَـــرْجِ الخصيبْ
أَنْفُــــسٌ عَـزَّتْ فَـــوافَــــتْ أَجَـــــــلًا
مَتَـــعَتْ مِنـْـــهُ كَمَــــــا تذكو الطُّيوبْ
خلَّفَـــــتْ شَوكًــا وزَهـْـــــــرًا دَنِــــفًا
أذوَتِ الأضواعَ مِنْ فِيــــــهِ الكُروبْ
غَــــالَهَـــا الهَـــولُ فلَــمْ يَمْسَسْ يَـــدًا
رَقْرَقَتْ في القَفْــــرِ آيــــاتٍ تَصـوبْ
هَــــــذِهِ السَّمْـــرَاءُ مَـــا أنْبَــلَهَــــــــا
بَينَ جَفْـنِ الغَــوْلِ والهَـــوْلِ القَطوبْ
هَـــدَّدوهَـــــــا : أبلِـــــغِي إِلَّا تَعُــــو
دِي فَكُـــلُّ الحَشْدِ مَصروعٌ خَضيـبْ
مَطلَـــبُ الغَــــيِّ تَبَــــــــدَّى بَشَــــرًا
ـ ويحَهُـــم - واللُّؤمِ والجُرمِ الجَشيب
كانَتِ المَنْـــــــجاةُ مِنْهَـــــــا أَمَمًـــــا
فَأبَــــتْ جُودًا وبَعضُ اللَّـــوذِ حُـوبْ
فانْـطَـــوَتْ "شادِيَـــــــةً" أُغـــرودَةً
لَحْنُهَـــأ البَــــذلُ ومَهــواهَا السُّـروبْ
سارَقَ - الدَّهْـــــــرَ - صَداهَـا بَـــدَدًا
لُحُفَ التُّـــــــرْبِ وأسْدَافَ الغُيـُــوبْ
تَتَهَــــادَى لِلـــــرَّدَى يَـــا حُسنَهَــــــا
آيَـــــةَ السَّيْـــبِ وتبيَـــــانَ الـوُجوبْ
لَـــو شَهِـــدْنـاهَـــــا لَـوَطَّأنَـا لَهَـــــــا
مُقَـلَ الأَعْـيُـــــنِ مَمْشًى وَالقلـــــوبْ
لَيْـسَتِ الكَأبَـــــــاءُ فيهَــــــــا عَبَـــثًـا
تِلْــكُـــــــمُ الأَدْمُعُ مِمْحَــــاةُ الذُّنــوبْ
يَــــا فتـَـــاةَ النِّيـــــلِ في كُـــــلِّ عُلًا
حَازَكِ السَّبْـــــقُ وأَبْعَدتِ الذُّهُــــوبْ
(محمد رشاد محمود)
.........................................................................................
المَحْل : الجَدبُ وانقطاعُ المَطَر . مَتَعَ النَّهارُ : ارتَفَعَ قبلَ الزَّوال ، والضحَى :
بلَغَ آخرَ غايَتِهِ . تصوبُ : تَنصَبُّ وتجيءُ مِن عَلٍ . الجَشيب : البَشِع .
الأَمَمُ : اليَسيرُ والبَيِّنُ من الأمر . الحُوب (بالضَّمِّ) كـالحَوبِ (بالفَتح) : الإثْم .
وفي (شادِيَة) تَورِيَةٌ ، حيثُ كانَ اسم المُضيفَة (شادية سلامَة) .
السُّروب : جمعُ (السَّرب) ، وهو القَلبُ والنَّفسُ . السَّيْب : العَطاءُ .
الكأباءُ : الحُزْن .