الاثنين، 26 أكتوبر 2015

عانس وأفتخر....... لــــ القديرة / عبير طلعت.......صفوة الكُتَّاب العرب



إن نظرة مجتمعنا الشرقى مازالت قاسية , وضيقة , للفتاة التى تخطت سن الزواج , حيث ينظر لها نظرة قاسية , على أنها فاتها قطار الزواج , ويعاملها ككائن ناقص , ويلقبها بالعانس .
فعندما تبدأ الفتاة فى بلوغ سن ما بعد العشرين دون أن يتم زواجها , أو خطبتها ؛ يبدأ الأهل فى القلق عليها ؛ خوفاً من العنوسة , وتبدأ رحلة عذابها .
فإذ كانت ممن لم يتقدم أحد لخطبتها ؛ فيعتبرها الأهل كارثة أحاطت بهم , ولا يدرون كيف يتخلصون منها , وتقتلها تلميحاتهم الجارحة لمشاعرها , ونظرات الشفقة , والمسكنة عليها , وعلى حظها السيئ , وعلى بختها الذى مال , من وجهة نظرهم .
أما إذا كانت الفتاة ممن ترفض الخطاب ؛ حيث أنها لم تجد فيهم من يناسبها , ويتفق مع شخصيتها , وفكرها ؛ فتلك أيضاً تعتبر كارثة عند الأهل , ومثيرة للريبة , والشك ؛ حيث تحاصرها أسئلتهم – عن سبب رفضها للزواج – , التى تنغص عليها حياتها.
اذن فهى كارثة فى كل الأحوال ؛ لأننا تعودنا , وتربينا , ونشأنا , على أن مكان البنت هو بيت زوجها , وبدونه فهى نكرة , ولاتساوى شىء , ولا تصلح لأى شىء آخر.
فمهما تعلمت , أو حصلت على أعلى الدرجات , و الشهادات العلمية , وتفوقت فى دراستها , وعملها , فإن كل هذا , لايمثل لدينا أى اهتمام , أو تقدير , ولانهتم به , وإنما يكون أملنا الوحيد فيها , هو زواجها فى نهاية المطاف .
إن الزواج ركن مهم فى حياتنا , وضرورى , ولكن اذا لم يأتى ؛ فليس معنى هذا نهاية العالم , ونقص فى الفتاة ؛ فتلك نظرة ضيقة , وظالمة لها ؛ لأنها كائن مستقل , وليس بالضرورة أن نربطها , ونقيدها , ونتبعها لرجل , لمجرد الزواج , وحتى لا يقال عنها عانس .
إن الزواج رباط أبدى مقدس , لابد ان يبنى على التفاهم , والاقتناع الكامل , والحب , والمودة , وليس لمجرد الهروب من العنوسة .
فتاتى , لا تهتمى بآراء الناس , وكلامهم , مادمت على الطريق الصحيح المستقيم , ولا تفعلين ما يغضب الله , فسيرى على بركة الله , وهنيئاً لكى بحياتك بما يرضى الله , وتزوجى فى الوقت الذى تحدديه أنت , وتكونى مقتنعة بالشخص الذى تختاريه , ومؤمنة به , وواثقة كل الثقة من حبكما لبعضكما ؛ حتى لا تندمى فى يوم من الأيام , حيث لا ينفع الندم , ويؤدى بك الأمر للطلاق – لاقدر الله – الذى هو أمر, وأسوء من العنوسة .
وتأكدى أن الناس لاترحم , ولن يكفوا عن الكلام , سواء تزوجتى دون اقتناع لمجرد الزواج ؛ مما قد يؤدى لفشلك , وطلاقك , أو تأخرتى فى الزواج ؛ حتى تجدى من يناسبك , ففى كلتا الحالتين ؛ سوف يلقون باللوم عليكِ , بما ليس لك ذنب فيه .
لذلك ؛ لا تهتمى بكلامهم , بل افعلى ما تجدينه فى صالحك , ويناسبك , وإذا تأخر بك السن ولم تتزوجى ؛ فافخرى بذلك ؛ لأنكى لم تجدى بعد من يقدرك , ويستحقك , فأنتى لست بعار , ولا سبة , بل إنسانة , لم تجد بعد من تأمنه على نفسها , وحياتها .
وتأكدى أنكِ فى يوم ما , ستجدى من يفهمك , ويقدرك , لتكملى معه رحلة حياتك , باقتناع وحب , وتفاهم , ولكن عندما يأتى الأوان ؛ فكل مقدر فى علم الله , ومكتوب فى كتابه , “وعسى أن تكرهوا شىء وهو خير لكم , وعسى أن تحبوا شىء وهو شر لكم , والله يعلم وانتم لا تعلمون ”
فلا تيأسى , واعملى , واجتهدى ؛ لتثبتى ذاتك , فأنت إنسانة كاملة و مستقلة بدون الرجل .
وإذا سألك أحد عن عدم زواجك , فقولى : "عانس وأفتخر"