الامنيات حين تكون كبيرة وابعد من مدى رؤية العيون لاتبقي لها سوى سهر
مؤرّقٍ سرعان ما تغطّيه شراشف الفجر بعد رحيل النجوم .فكيف اذا كانت النفس
كبيرة،هل يستطيع جسد متهالك من حمل ثقلها ؟ فتراهُ يأنُّ من وجع الشكوى
،اقدام تتكسّر خطاها في طريق ممتلئة بالمطبّات واحباطات سنين العمر
.الابتسامات تختفي عن المحيّا حين يتكالب الحزن همّاً طويلاً،ظلمات
الليالي لا تبدّدها مشاعل فوانيس خافتة تشتكي شحّة زيتها ،وشعر الرأس
لو بلغ المشيب يصير فتائل تحترق لاتخلّف غير رمادٍ تتوسّد عليه الذكريات
.
كلّ شيء تبدّل من حوله،المقاهي ،الشوارع ،احبّة ماتوا ،اجيال ولدت وتزوجت ،حكومات ذهبت ،دول تمزّقت واخرى توحّدت وهو للان يرتدي قميصه الثمانيني لأنّ فيه رائحة آخر لقاء مع(فوزية) قصيدته الكبرى وحبّه العذري الذي أغتاله الفقرُ مبكراً بعد ولادته في بيوت الصفيح الملونة بالعذابات والامنيات المستحيلة .
تتقادم السنين لم يبقَ من اهلها سوى بقايا قبور ٍ هدّمت شواهدها عواصف الزمن لكنّ ذاكرة (عادل) مشحونة بفيض مغناطيسي ما استطاعت الايام محوها ،غصّةٌ في النفس كبيرة وجرحٌ عميق لا يندمل ابداً لديهِ الذي لم يخفِ سرّهُ عن ابنتهِ الكبرى (هديل) التي اقتربت من المرحلة الاخيرة في كلية الصيدلة ولم تبقَ سوى ايام لتنال البكالوريوس.
لم يشعرها يوماً بثقلها عليه ظلّ متماسكاً وهو يحفر الصخر كي لا يشار َعليها بالعوز والحاجة .هو مدرك انها لا تعوّضهُ عن الحرمان الذي عاشه ولكنّ فيها بعض العزاء لآلامه القديمة .ذات مساء هديل تحادث اباها الذي عادة ما تصارحه بتفاصيل حياتها اليومية :
-هناك زميل بابا يودُّ لقاءك
-من ايهاب ؟
-وما ادراك بابا ؟
-لا عليكِ أخبريه انّي بانتظاره متى يشاء .
هذا الشاب المتخرج من الصيدلة الذي تبدو عليه ملامح الارستقراطية ليس له غير أمّه بعد وفاة ابيه تاركاً لهما المال فوق حاجتهم بكثيرحتى قرّرا العودة للعراق منذ عشرة اعوام وقد استفاد الابن من لغته الانكليزية المتقنة خلال سنوات دراسته ،كأنّ ذكرياتهما في امريكا ديار الغربة لم تستطع ابقائهما فكانت العودة ليسكنا في حيٍّ سكني راقٍ في بغداد ، في سلوكيات وتصرفات وعادات ايهاب ما يوحي لناظره وسامعه بروحه الارستقراطية ربما ورثها من ابيه او اكتسبها من اصدقائه او ربما لانّه لم يعرف الفاقة والعوز فعاش مترفاً ولولا حزم امّهِ واصرارها لما قبل العودة وهي التي لم تطلعهُ على ما امتلكت من المال طالما ما يطلبهُ يأتي اليه.لكنّ الحبّ في احيان كثيرة يتجاوز الفواصل بين الناس وتقدم التنازلات من اجله،ايهاب متأكدٌ من نفسه انّهُ اختار من يحب وامام جمال وحضور هديل تتساقط التساؤلات وتتغير خرائط الاشياء بعدما تسامت خلقاًوخلقاً.
الغربة لم تتمكن من ان تنبت حميميّة كبيرة بين ايهاب وامّهِ بسبب نشأتهِ الغربية وسط بيئة مادية لاتتعامل بالعواطف ،أمّا الحبّ هذا المسمّى السحري الغريب فهو يختزل المسافات ويلغي الاعتبارات ومن تمكّن منهُ أربكهُ ليجعله باحثاً عنهُ وينفي مسبّبات الامتناع عنه مهما بلغت خطورتها .
ها هو ايهاب لا فرار لديه من حب هديل وصار مجبراً بعد تخرجهِ على مفاتحة أمّهِ بالامر رغم جفوة العلاقة وبرودتها بينهما لكنّه يعلم أنّه في مجتمع شرقي وعليه اتباع سلوكياته ليكشف ما لديهِ قائلاً:
-ماما هناك زميلة لي ارغب في الزواج منها
- هل هي تحبكَ؟
-نعم واتفقنا على كل شيء وهم ينتظرون قدومنا عليهم في اي وقت .
تعوّدت الام حين خروجها من المنزل ان يكون ايهاب من يقود السيارة ،والشال لا يفارقها وتعشق السترة السوداء وهي تحيط بقميصٍ ابيض وليس على عينيها غير الكحل ومكياج خفيف لم يغير من ملامحها التي تبدو كامرأةٍ ثلاثينية العمر لناظرها وهي تخفي الخمسين في تقويم الزمن .
هديل وابوها بانتظارهما مساء خميس نيساني داعبت فيه نسائم الربيع خصلات الشعر الكستنائي المتمرّد على الشال لتمدَّ كفّها الجميلة فترجعهُ بغنج النساء الفاتنات وهي تتقدّم ابنها وهديل مرحبّة بهما وتجلسهما مستئذنتهما لابلاغ ابيها بمجيئهما
يخرج عادل بملابس رسمية تليق بالقادمين وهما جالسان عكس دخوله وسرعان ما يقف امامهما وابنته تقدّمه لهما مع ابتسامة خجولة من ابنة يوم خطوبتها فقالت :
-بابا اقدّم لك السيدة ام ايهاب
لم يتمكن الاب من الرد بالترحيب ،اختفت من قاموسه الادبي جميع المفردات ومخارج الحروف ما عادت تسعفهُ،القدمان تسمّرتا،العيون ادركتها الجفون لاخفاء الدموع التي تكاد تفضحهما .ام ايهاب استوعبت الصدمة التي هما فيها وهي تعلمه غير مصدّقٍ ولا هي ايضاً ،كان عليها ان تكسر الصمت الرهيب فتدّعي قولاً مخترعاً لتقول :
-هذا انت سيد عادل؟
لم يستغرب هذا التصرف منها وهي المعروفة بذكائها وسرعة بديهيتها فيردّ:
-نعم نعم ابنتي هديل ،كنّا في كلية واحدة
-تقصد لغة عربية
تستدرك الام :
-لا انا كنت قسم فلسفة
امسى ايهاب كالغريب وسط اجواء كثر فيها الحديث وكأنّهم تناسوا سبب وجوده هنا .
اما عيون العاشقين الكبيرين فلم تتوقف عن العتاب والبكاء الخفي وبثّ الهموم المكبوتة وكأنهما تجاهلا من حولهما متمنيان ان تجمعهما الاحضان ويتعطر كل منهما بانفاس الاخر .
حاولت (فوزية)ان تستجمع قواها النفسية والبدنية لتعلن عن رغبة ولدها بالزواج من هديل فما استطاعت المبادرة بالكلام وعادل مدرك لما هي عليه فقال:
-تفضّلي ام ايهاب
-لالا شيء لكني متعبة او ربما خجلة فانت تعلم هذه الامور يتبنّاها عادةً الرجال في مجتمعنا .
نهض ايهاب من عنده وبصوتٍ عالٍ:
-ما بكِ ما ما
-اسكت ابني نحن النساء لا نجيد المقدمات في الحديث وهذه مسائل انت لا تفهمها ولا تعتقد ان ما جئنا من اجله طلب سهلٌ لنقول ما عندنا على عجالة
فوزية للحظات تنكرت لابنها ورغبته ،صارت تفكر بنفسها ،اطرقت برأسها ووقع الصدمة يربكها لا لخطبة ابنها ولكن لحالها التي حظيت بها اخيراً بعد ضياعها كل السنين الماضيات ،محاولةً مرة اخرى تخفيف المفاجئة عليها لتسأل عادل :
-أما زلت تكتب الشعرسيد عادل ؟
-اكيد طبعاً
هديل بسبب صداقتها التي عقدتها مع ابيها تمكنت من استيعاب ما يجري امامها وصارت تقرأ ملامح الاثنين لتخرج بنتيجة حتمية لا مجال للشك فيها بأن هذه السيدة هي التي احبّها ابوها وحدّثها عنها وللفطنة الكبيرة لديها راحت تسألها:
-لو سمحت ام ايهاب ما اسمكِ؟؟؟
-ها ماذا تريدين بأسمي ؟
-حبّاً فيك اكيد
-اسألي اباكِ اذن هديل
تلتفت هديل الى ابيها وكأنّها تستنطقهُ فيجيبها:
نعم بابا هذه فوزية
بعد سماع ايهاب هذا الحوار صار يصرخ :
-ماهذا ؟ هذه مهزلة ..انا لا اقبل بهذه التصرفات والايحاءات المعيبة ،لا اسمح بها ،انا ابن المهندس مصطفى ،هذه اهانة لي ولابي الميت ولتاريخ عائلتي الارستقراطي وما انتم الا نازحون من الجنوب وبقايا فلاحين ملأتم بغداد برائحة مواشيكم
بعد هذا الصراخ وانفلات اعصابه صاحت عليه امهُ:
-اهدأ ،ما بك كالثور الهائج ،ألستَ تريد هديل وتحبها ؟
-نعم اريدها
-اذن لا عليك بالاخرين
هديل من جانبها تطرح رأيها امامهم وبصراحة :
-انا موافقة بشرط ان بابا يتزوج من السيدة فوزية ،هذا هو مهري ايهاب
يستغرب ايهاب من هذا الطرح ومما يدور حوله ويسمعهُ فيقول :
- وما علاقة امي بزواجنا ؟
تزداد دهشة الابن وكأنّهُ في مسرح دراماتيكي وسط اصرار هديل على قيمة مهرها العالية جداً وفاءً لأبيها وقبول فوزية بحكمة ودهاء هديل واتضاح نزعة ايهاب النفعية والانانية ليتحوّل ذلك المساء الى خطوبة وعقد قران فوزية وعادل بشهادة هديل وايهاب خارج حياة الجميع ودون ندم عليه من أحد .
كلّ شيء تبدّل من حوله،المقاهي ،الشوارع ،احبّة ماتوا ،اجيال ولدت وتزوجت ،حكومات ذهبت ،دول تمزّقت واخرى توحّدت وهو للان يرتدي قميصه الثمانيني لأنّ فيه رائحة آخر لقاء مع(فوزية) قصيدته الكبرى وحبّه العذري الذي أغتاله الفقرُ مبكراً بعد ولادته في بيوت الصفيح الملونة بالعذابات والامنيات المستحيلة .
تتقادم السنين لم يبقَ من اهلها سوى بقايا قبور ٍ هدّمت شواهدها عواصف الزمن لكنّ ذاكرة (عادل) مشحونة بفيض مغناطيسي ما استطاعت الايام محوها ،غصّةٌ في النفس كبيرة وجرحٌ عميق لا يندمل ابداً لديهِ الذي لم يخفِ سرّهُ عن ابنتهِ الكبرى (هديل) التي اقتربت من المرحلة الاخيرة في كلية الصيدلة ولم تبقَ سوى ايام لتنال البكالوريوس.
لم يشعرها يوماً بثقلها عليه ظلّ متماسكاً وهو يحفر الصخر كي لا يشار َعليها بالعوز والحاجة .هو مدرك انها لا تعوّضهُ عن الحرمان الذي عاشه ولكنّ فيها بعض العزاء لآلامه القديمة .ذات مساء هديل تحادث اباها الذي عادة ما تصارحه بتفاصيل حياتها اليومية :
-هناك زميل بابا يودُّ لقاءك
-من ايهاب ؟
-وما ادراك بابا ؟
-لا عليكِ أخبريه انّي بانتظاره متى يشاء .
هذا الشاب المتخرج من الصيدلة الذي تبدو عليه ملامح الارستقراطية ليس له غير أمّه بعد وفاة ابيه تاركاً لهما المال فوق حاجتهم بكثيرحتى قرّرا العودة للعراق منذ عشرة اعوام وقد استفاد الابن من لغته الانكليزية المتقنة خلال سنوات دراسته ،كأنّ ذكرياتهما في امريكا ديار الغربة لم تستطع ابقائهما فكانت العودة ليسكنا في حيٍّ سكني راقٍ في بغداد ، في سلوكيات وتصرفات وعادات ايهاب ما يوحي لناظره وسامعه بروحه الارستقراطية ربما ورثها من ابيه او اكتسبها من اصدقائه او ربما لانّه لم يعرف الفاقة والعوز فعاش مترفاً ولولا حزم امّهِ واصرارها لما قبل العودة وهي التي لم تطلعهُ على ما امتلكت من المال طالما ما يطلبهُ يأتي اليه.لكنّ الحبّ في احيان كثيرة يتجاوز الفواصل بين الناس وتقدم التنازلات من اجله،ايهاب متأكدٌ من نفسه انّهُ اختار من يحب وامام جمال وحضور هديل تتساقط التساؤلات وتتغير خرائط الاشياء بعدما تسامت خلقاًوخلقاً.
الغربة لم تتمكن من ان تنبت حميميّة كبيرة بين ايهاب وامّهِ بسبب نشأتهِ الغربية وسط بيئة مادية لاتتعامل بالعواطف ،أمّا الحبّ هذا المسمّى السحري الغريب فهو يختزل المسافات ويلغي الاعتبارات ومن تمكّن منهُ أربكهُ ليجعله باحثاً عنهُ وينفي مسبّبات الامتناع عنه مهما بلغت خطورتها .
ها هو ايهاب لا فرار لديه من حب هديل وصار مجبراً بعد تخرجهِ على مفاتحة أمّهِ بالامر رغم جفوة العلاقة وبرودتها بينهما لكنّه يعلم أنّه في مجتمع شرقي وعليه اتباع سلوكياته ليكشف ما لديهِ قائلاً:
-ماما هناك زميلة لي ارغب في الزواج منها
- هل هي تحبكَ؟
-نعم واتفقنا على كل شيء وهم ينتظرون قدومنا عليهم في اي وقت .
تعوّدت الام حين خروجها من المنزل ان يكون ايهاب من يقود السيارة ،والشال لا يفارقها وتعشق السترة السوداء وهي تحيط بقميصٍ ابيض وليس على عينيها غير الكحل ومكياج خفيف لم يغير من ملامحها التي تبدو كامرأةٍ ثلاثينية العمر لناظرها وهي تخفي الخمسين في تقويم الزمن .
هديل وابوها بانتظارهما مساء خميس نيساني داعبت فيه نسائم الربيع خصلات الشعر الكستنائي المتمرّد على الشال لتمدَّ كفّها الجميلة فترجعهُ بغنج النساء الفاتنات وهي تتقدّم ابنها وهديل مرحبّة بهما وتجلسهما مستئذنتهما لابلاغ ابيها بمجيئهما
يخرج عادل بملابس رسمية تليق بالقادمين وهما جالسان عكس دخوله وسرعان ما يقف امامهما وابنته تقدّمه لهما مع ابتسامة خجولة من ابنة يوم خطوبتها فقالت :
-بابا اقدّم لك السيدة ام ايهاب
لم يتمكن الاب من الرد بالترحيب ،اختفت من قاموسه الادبي جميع المفردات ومخارج الحروف ما عادت تسعفهُ،القدمان تسمّرتا،العيون ادركتها الجفون لاخفاء الدموع التي تكاد تفضحهما .ام ايهاب استوعبت الصدمة التي هما فيها وهي تعلمه غير مصدّقٍ ولا هي ايضاً ،كان عليها ان تكسر الصمت الرهيب فتدّعي قولاً مخترعاً لتقول :
-هذا انت سيد عادل؟
لم يستغرب هذا التصرف منها وهي المعروفة بذكائها وسرعة بديهيتها فيردّ:
-نعم نعم ابنتي هديل ،كنّا في كلية واحدة
-تقصد لغة عربية
تستدرك الام :
-لا انا كنت قسم فلسفة
امسى ايهاب كالغريب وسط اجواء كثر فيها الحديث وكأنّهم تناسوا سبب وجوده هنا .
اما عيون العاشقين الكبيرين فلم تتوقف عن العتاب والبكاء الخفي وبثّ الهموم المكبوتة وكأنهما تجاهلا من حولهما متمنيان ان تجمعهما الاحضان ويتعطر كل منهما بانفاس الاخر .
حاولت (فوزية)ان تستجمع قواها النفسية والبدنية لتعلن عن رغبة ولدها بالزواج من هديل فما استطاعت المبادرة بالكلام وعادل مدرك لما هي عليه فقال:
-تفضّلي ام ايهاب
-لالا شيء لكني متعبة او ربما خجلة فانت تعلم هذه الامور يتبنّاها عادةً الرجال في مجتمعنا .
نهض ايهاب من عنده وبصوتٍ عالٍ:
-ما بكِ ما ما
-اسكت ابني نحن النساء لا نجيد المقدمات في الحديث وهذه مسائل انت لا تفهمها ولا تعتقد ان ما جئنا من اجله طلب سهلٌ لنقول ما عندنا على عجالة
فوزية للحظات تنكرت لابنها ورغبته ،صارت تفكر بنفسها ،اطرقت برأسها ووقع الصدمة يربكها لا لخطبة ابنها ولكن لحالها التي حظيت بها اخيراً بعد ضياعها كل السنين الماضيات ،محاولةً مرة اخرى تخفيف المفاجئة عليها لتسأل عادل :
-أما زلت تكتب الشعرسيد عادل ؟
-اكيد طبعاً
هديل بسبب صداقتها التي عقدتها مع ابيها تمكنت من استيعاب ما يجري امامها وصارت تقرأ ملامح الاثنين لتخرج بنتيجة حتمية لا مجال للشك فيها بأن هذه السيدة هي التي احبّها ابوها وحدّثها عنها وللفطنة الكبيرة لديها راحت تسألها:
-لو سمحت ام ايهاب ما اسمكِ؟؟؟
-ها ماذا تريدين بأسمي ؟
-حبّاً فيك اكيد
-اسألي اباكِ اذن هديل
تلتفت هديل الى ابيها وكأنّها تستنطقهُ فيجيبها:
نعم بابا هذه فوزية
بعد سماع ايهاب هذا الحوار صار يصرخ :
-ماهذا ؟ هذه مهزلة ..انا لا اقبل بهذه التصرفات والايحاءات المعيبة ،لا اسمح بها ،انا ابن المهندس مصطفى ،هذه اهانة لي ولابي الميت ولتاريخ عائلتي الارستقراطي وما انتم الا نازحون من الجنوب وبقايا فلاحين ملأتم بغداد برائحة مواشيكم
بعد هذا الصراخ وانفلات اعصابه صاحت عليه امهُ:
-اهدأ ،ما بك كالثور الهائج ،ألستَ تريد هديل وتحبها ؟
-نعم اريدها
-اذن لا عليك بالاخرين
هديل من جانبها تطرح رأيها امامهم وبصراحة :
-انا موافقة بشرط ان بابا يتزوج من السيدة فوزية ،هذا هو مهري ايهاب
يستغرب ايهاب من هذا الطرح ومما يدور حوله ويسمعهُ فيقول :
- وما علاقة امي بزواجنا ؟
تزداد دهشة الابن وكأنّهُ في مسرح دراماتيكي وسط اصرار هديل على قيمة مهرها العالية جداً وفاءً لأبيها وقبول فوزية بحكمة ودهاء هديل واتضاح نزعة ايهاب النفعية والانانية ليتحوّل ذلك المساء الى خطوبة وعقد قران فوزية وعادل بشهادة هديل وايهاب خارج حياة الجميع ودون ندم عليه من أحد .