الاثنين، 25 يناير 2016

أنَّات........ لــــــــــ القدير / محمد رشاد محمود........صفوة الكُتَّاب العرب

في فبراير من عام 1989 وقَرَ لَدَيَّ أنْ لا خلاص من شقاء العيشِ في مصر ما بقيت الثروةُ في أيدي فئةٍ طاغية تستأثر بالمال وتحتجنُه دون مستحقيه ممَّن يذودهُم النَّصَبُ المتصل - سعيًا وراء الرزق - عن إذكاء الروح بتحصيل المعارف والتزود بالثقافة الرفيعة ، حتى لتستوي في شقائهم الظُّلمةُ والنور ويعسُرُ عليهم أن يرفعوا رأسًا للمطالبة بحقهم في العيش الرغد وسائر الحقوق التي ضمنها الله لهم في خيرات الأرض ، لولا جشَع البغاة واللصوص ، فكانت هذه القصيدة تحت عنوان أنَّات وكأنَّها أناتُ الثَّور الذي يجُرُّ الساقية ولا يملك فكاكًا من الفاقة و اللغوب ، والنهر لا ينفَدُ ومطالب العيش لا تفترُ حتَّى يُوارَى الثرى :
النَّــــهرُ في زخـورْ ... والثَّـــورُ لا يــــَخورْ
سيَّــانِ في الشَّقا ... ءِ الدَّجْنُ والبــدورْ
فالثَّــورُ لا يــخورْ
سغْـبٌ ولا رجـــاءْ ... في كِسرَةٍ ومـــاءْ
بِغَيـــرِ مــا قَصـــاءْ ... في قِيعَة العنــــاءْ
أو ظُلمَةِ القبــورْ
ســـارٍ بلا رَفيـــقْ... في مِحنَـــةٍ وضِيقْ
والعُمرُ في عَمــــاهْ ... يهذي إذا يُفيــقْ
بالوَيـــلِ والثُّبـورْ
لمْ يبــــقَ لِلـرَّجـاءْ ... نضـوًا سِوى ذَماءْ
تَدحو الرُّؤَى الظِّماءْ .. في غمرَةِ الشقاءْ
نــــورًا وراءَ نـــورْ
لا وقــتَ لِلمَــراحْ ... مــا راحَ ثَـــــمَّ راحْ
والقَلـــبُ مُستباحْ ... الــوَقـظِ والـجِـراحْ
ووَقـــدَةٍ تــــَمورْ
في مَعشَرٍ سَــواءْ ... أحلامُهـــم هبــاءْ
والتِّبـــرُ فـي ثنـــــا ... يا طرفِهــا لَفـــاءْ
تحتَ الرَّنــا يَغورْ
فضلُ النُّهَى محالْ ... والرُّشْدُ كالخَبـالْ
والعِـيُّ في لهــــا ... ةِ القُبحِ كالجَمـالْ
لِأرؤسٍ قفـــــورْ
.....................................................................
(الدجن) : إلباس الغيم الأرض وأقطار السماء .
(السَّغبُ) : الجوع . (القصاء) : البُعد .
(النضو) بكسر النون : الهزيل .
(الذَّماء) : بقية النَّفس . (تدحو) : تبسُطُ .
(الوَقظ) : شِدَّة الضرب .
(اللَّفاء) : التّراب . (الرَّنا) : إدامَة النَّظَر بسكون الطرف .