الجمعة، 11 مارس 2016

والتقينا بعد ثلاثين عاما.....لـــــ الاستاذ الشاعر : خمولي عبد الرزاق (نزار بسكرة ).....صفوة الكُتَّاب العرب

كنتُ بقربِ حدائقَ لنْدُو...
أسيرُ وحيدًا...
أكلمُ نفسي...
وأُحصي المسافةَ بيني وبين الربابِ
وكنتُ أحُثُ خُطَايَ...
وكنت بقلب الزقاق...
أشم عطور التوابل...
عطر الدكاكين...
أشتري خميرة خبز...
عناقيد تمر...
وأسمع همس الفساتين...وهمس العذارى.
وكيف يصير الزقاق مساء...
سوق عكاظ...
ومثل طريق الحرير...
مليئا به زحمة القادمين...
عروس زيبان...
وجنة نخل ...وحبات تمر.
وكنت بقلب الزقاق...
وكنت أهيم...
وكنت أظن بأني استمعت لصوت شجي ينادي.
وكان جريئا...وكان حزينا...
وحين التفت...
وقفت...تسمرت حينا لبعض الثواني...
وعدت بنفسي ثلاثين عاما...
وعشر ليال...
وكنت اقتربت...وقلت إليك سلام...
وتم الكلام...
وقلت إليّ...
أأنت سحابة صيف... !
أأنت التكبر ... !
أأنت التجبر... !
يا ناثرا أوراقـــــــــه ...
يا مسافرا زاده في الدنيـــــا خيال...
كان يحلم بالصبا ...
وبزرقة الألوان...
وزرقة لحظية ورهبة الليل وهالة الكبرياء ...
فقلت لها ...
هو الشعر أتعبني
هو الحرف دمرني...
هو القدر المحتوم ...
هي أزمة ألوان تطاردني...
تمازجني...
تحاصرني...
لأكتب عنها الكلام القليل...
وبعض الحكايا...
وليل طويل...
هو الشعر كما تعلمين...
زرقة ألوان...وزرقة ألحاظ...
وأطياف روح
حين تحط بقرب حماك...
هو الشعر...
هو القدّ والهيكل العظمي للقصيدة كلها....
هو أروع النوبات...
يخلد ذكرى...
وينقش أسماء...
ويرسم معشوقا...وفاتنة...
فقالت : يا سيدي...
كلامك هذا الفصيح...
خيالك هذا النسيج المليح...
أعاد إليّ دوارا قديما...
أعاد إليّ الزمان الطفولي...
زمان الخرافة...
و عهد علاء...
وسحر فانوس...
وبساط ريح يماني...
و أسفار كنت أسافرها.
فقلت لهــــــــا ...
صعب من المستحيل أن أنسى صوت الهديل ...
وعشق القبيلة...
ونــــــــار الرحيل ...
وأن تجد بعد ثلاثين عــاما ...
من كنت تكاتبها الأشعار والأمنيات الجميلة والأسفار ...
صعب ...
ومن أصعب المستحيل ...
أن أزاوج الأحزان ثانية ...
أن أصهر الأمطــار ...
أن أزرع ثانية في الأرض زنبقة ...
وأن أحول هذا الهدوء النسبي زوبعة إعصار ...
و هاته الكلمات قصيدة والمفردات حجارة وسجال ...
صعب ...
أن أكتب الآن من زرقة لحظيك قصيدة العمر ...
وغاية هذا المطــــــاف ...
فكل دفاتري سرقت ...
وكل أناملي عجزت ...
وحتى المواثيق التي بيننا اختنقت في الزحام ...
فأي سبيل سيسلكه الشعر ليلا ...
وأي قطار ...
وأي مطار...
وأي كلام نقدمه للعاشقين اعتذارا.. ...
بعد ثلاثين عـاما ..
نلتقي في شارع العمر الذي كنّا مشيناه...
نعم كنا مشيناه...
والحلم كان يرافقنا...يكلمنا ...
نلتقي بعدما ضرب الحصار على المدينة...
وكبرنّا...
وتغيرت ملامح شكلينا وصرنّا إلى الصمت أقرب...
شرب مداد المدينة كله وساد الجفاف ...
وجف المحيط...
وساد الحصار...
وصرنا نعيش زمن التيه والانكسار...
وتبقى قصائدي تحاول أن تخفيك ...
أن تراقبك عن بعد ...
وأن تحوّلك ... وتحوّل زرقة فستانك بنفسجا ...
وصمتك حكاية ...
ورهبة الليل بداية للبدء...
بداية للبعث ...
بداية للمستحيل ...
ومنذ ثلاثين عاما ...
وبعد غيابي الغياب الطويل ...
وبعد رحيل الأماني ...
ظللت أحاول إقناع نفسي ...بأن الرحيل سحابة صيف ...
وبعد عناد...
وأخذ ورد...
علمت بأن الذي كان خلف الحقيقة ...
أكبر منك ومني ...
فربما يبحر البحر في البحر ثانية ...
والقصيدة في القصيدة ...
ويعلن هذا الصمت وهذا التباعد مواسم للرحيل ...
وينقشع الضباب ...
و هذا الحصار ...
أيامه المعدودة تنقضي ...
ويولد احتضاره الحتمي ...
وينكسر الحصار...
و يصبح ذكرى...
وربما يبدأ البدء من البدء ...
والقيد يكسر القيد ...
وتصبح زرقة اللحظ ... وزرقة الثوب ...
حكــــــــاية ...
وبدايــــــــة وقرارا